خمس سنوات على انقلاب سعيد- حصاد الفشل وتحديات المستقبل

في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز، أحيت تونس ذكرى مرور خمسة أعوام على التحوّل السياسي الذي قاده الرئيس قيس سعيّد، وهي فترة زمنية شهدت تغييرات جذرية طالت مختلف جوانب الدولة والمجتمع. هذا التحوّل لم يقتصر على تغيير الدستور والقوانين، بل امتد ليشمل المؤسسات والسرديات التي كانت سائدة على مدى عقد من الزمن. خلال تلك السنوات العشر، كانت تونس قد خطت خطوات جادة نحو تبني قيم ومعايير دولية راسخة، في مجالات القانون وحقوق الإنسان، من بينها الديمقراطية، والحريات الأساسية، واحترام الحقوق، والتداول السلمي على السلطة من خلال انتخابات حظيت بإشادة دولية واسعة النطاق، نظرًا لنزاهتها وشفافيتها المطلقة وصدقية نتائجها.
لكن في غضون أقل من يوم كامل، وضع الرئيس التونسي حدًا لتلك الحقبة المليئة بالجهود والتحولات، والتي انبثقت عن ثورة اجتماعية وشعبية فريدة من نوعها. تلك الثورة قادها شباب من المناطق النائية في البلاد، أولئك الذين غالبًا ما كانوا يوصفون بـ "الشباب المهمش"، و"سكان المناطق الحدودية"، و"القادمين من الأرياف البعيدة".
لقد أنهى تحوّل الخامس والعشرين من يوليو/ تموز 2021 حقبة كاملة كانت محط أنظار العالم بأسره، من شرقه إلى غربه، حيث كان الجميع يراقبون باهتمام إمكانية ترسيخ الحكم الديمقراطي في دولة تقع خارج نطاق الفضاء الأوروبي الغربي. كانت تونس تمتلك إمكانات متواضعة وشعبًا صغيرًا نسبيًا (يبلغ تعداده حوالي 11 مليون نسمة)، لكنها امتلكت نخبًا استثمرت على مدى أربعة عقود على الأقل في تعزيز الديمقراطية، وغرس ثقافة المشاركة السياسية، والانفتاح على تجارب الشعوب والأمم الديمقراطية الأخرى، وبناء "مجتمع المواطنة" الحقة، بديلاً عن مفهوم "شعب الرعايا" التقليدي.
هكذا، ومن خلال خطاب اتسم بالحدة والتوتر خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، أعلن الرئيس قيس سعيّد عن قرار إغلاق البرلمان، وإحالة أعضائه المنتخبين إلى "البطالة القسرية"، كما أنهى مهام الحكومة الائتلافية، وقام بتعليق العمل بالدستور، الذي كان نتاج سنوات من النقاشات والمشاورات بين مختلف الأطياف السياسية والأيديولوجية في البلاد، والتي شهدت اغتيال شخصيتين سياسيتين بارزتين هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
بالإضافة إلى سلسلة من الأحداث الإرهابية المتنوعة التي عصفت بالبلاد، والتي خلقت بيئة مضطربة تنذر بنشوب حرب أهلية، وهو ما سعت إليه جهات خارجية عديدة، بالتعاون مع أطراف وشخصيات داخلية، بهدف ترسيخ هذا الوضع المتأزم. لكن في المقابل، حرصت بعض النخب السياسية على تجاوز هذه الأزمة ومنع وقوعها، من خلال التوصل إلى توافقات سياسية لا تزال تثير الجدل حتى الآن، حول دوافعها وتوقيتها ومكوناتها والطريقة التي تمت بها.
اللاءات الخمس للانقلاب
خلال تلك السنوات العشر التي أعقبت الثورة، برزت أسماء سياسية لامعة، وتكشفت علاقات وارتباطات شخصيات أخرى، كما أزيح الستار عن أفكار ومواقف ومقاربات كانت متخفية وراء ستار الديمقراطية والانتخابات وتجربة الانتقال الديمقراطي، بكل ما شهدته من تقلبات وإخفاقات ونجاحات، خاصة على الصعيد السياسي.
إلا أن بعض أولئك الذين لم يستوعبوا التحولات والتغيرات التي أعقبت ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، قد ارتدوا على أعقابهم، ومارسوا نوعًا من "الردة السياسية"، حيث عمدوا إلى تشويه التجربة الديمقراطية بكل ما فيها من شخصيات ومواقف وثقافة جديدة، وحتى بعض القوانين التي بدأت في تغيير ملامح المجتمع. لقد تبنوا سياسة "الأرض المحروقة"، طالما أن المشهد السياسي الجديد لم يحقق لهم المكاسب التي كانوا يتوقعونها. وعندما اتضح لهم أن البنيان مختلف والتوجهات مغايرة، تحالفوا لإنهاء مسار قد لا يتكرر قريبًا.
فاغتنم الرئيس التونسي هذه اللحظة، وقلب الطاولة رأسًا على عقب، مدعومًا من قوى خفية في الدولة العميقة، ومن يسار متطرف أثبتت السنوات أنه أقرب إلى التدمير والخراب منه إلى البناء الاجتماعي والسياسي الوطني. بالإضافة إلى ذلك، حظي بدعم من بقايا النظام الذي سبق الثورة، و"الانتهازيين الجدد" الذين يركبون موجة الثورات والتحولات السياسية.
وبطبيعة الحال، انضم العديد من الأشخاص، حتى أولئك الذين كانوا يرفعون رايات الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، إلى هذه الحركة التي قادها الرئيس التونسي، واصطفوا خلفها، وأصبحوا في غضون ساعات قليلة مجرد مروجين لها، كما لو أنهم شركات تسويق محترفة في الترويج لهذا التحوّل السياسي. وأطلقوا على ذلك نعوتًا وتسميات مختلفة، من قبيل "حركة التصحيح" و"المسار الثوري الجديد"، وأخذوا يشرحون مقولات "البناء القاعدي" و"الشعب يريد"، وذلك في سياق "شعبوية" قديمة متجددة، قوامها الرئيسي يتمثل في لاءات خمس محددة:
- لا للأحزاب السياسية؛ فهي سبب كل المشاكل والخراب.
- لا للديمقراطية التقليدية؛ لأنها وصلت إلى طريق مسدود، ولا بد من إيجاد نظام سياسي جديد.
- لا للمنظمات غير الحكومية، وفي مقدمتها النقابات والجمعيات الحقوقية؛ لأنها إما عميلة للخارج، أو جزء من أجندات خارجية.
- لا للاقتصاد الحر، الذي يكرس التبعية ويمس بالسيادة الوطنية ويهدر ثروات البلاد.
- لا للاقتراض الخارجي، لأنه يمثل الخطر الأكبر الذي يلتهم الثروة الوطنية ويرهق كاهل البلاد.
هذه هي الأسس التي قامت عليها الثقافة السياسية الحديثة والعلوم السياسية التي تدرس في أعرق الجامعات العالمية، والتي أتى هذا التحوّل السياسي لكي يقوضها ويفككها، بل ويجعل منها سببًا لفشل من سبقوه.
وبناءً على ذلك، جرى إلغاء المقومات السياسية والقانونية والدستورية التي قامت عليها الدولة التونسية بشكل عام، وتجربة السنوات العشر التي أعقبت الثورة التونسية بشكل خاص.
تساؤلات أساسية
تغذى "النظام الجديد" من مشاعر الكراهية السياسية التي نمت في الأوساط الحزبية وبين النخب على مدى السنوات التي تلت ثورة يناير/ كانون الثاني، ومن إحساس الناس بأن بطونهم الخاوية لا تشبعها السياسة وحدها، وأن حساباتهم المصرفية المثقلة بالديون لا تسويها النوايا الحسنة، وأن الرفاه الاجتماعي لا تؤسسه الشعارات البراقة، وأن النمو الاقتصادي لا تبنيه الخطابات الطنانة.
لقد استغل هذا التحوّل السياسي هذا الغضب المجتمعي المتراكم، والذي سرعان ما تحول إلى مطالب سياسية ملحة، من خلال شحن حزبي وسياسي مكثف، حتى تجاوز سقف الخطاب الرسمي كل الطموحات والتوقعات، ليتم رسم خارطة طريق بلا معالم واضحة، وبرامج عمل افتقرت إلى السياسات الواقعية، وآمال عريضة بلا مشاريع ملموسة، فاصطدم هذا كله بواقع مرير وتطلعات تفوق إمكانات الدولة المحدودة.
ومما زاد الطين بلة، التجربة المحدودة والجهل بآليات عمل الدولة وقوانينها، وتراجع دور الخارج وتأثيره، والتخبط الداخلي، والتسابق المحموم نحو المناصب والامتيازات السياسية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مؤشرات الفشل وعدم تحقيق أي نتائج ملموسة، وعدم إنجاز أي شيء يمكن الاعتماد عليه في بناء مستقبل أفضل.
وهنا، لا بد من طرح ثلاثة تساؤلات جوهرية، لتفسير هذه "الحصيلة الصفرية" لهذا التحوّل السياسي حتى الآن:
- ما الذي جعل هذا التحوّل السياسي يعجز عن تحقيق أي إنجاز يذكر، رغم كل السلطات الواسعة التي يتمتع بها خلال السنوات الخمس الماضية؟
- ما هي أبرز مؤشرات الفشل التي نراها ونلمسها في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية؟
- وأخيرًا، ما هو المستقبل الذي ينتظر البلاد في ظل هذه الظروف؟
أسباب العجز الرئيسية
أما عن الأسباب التي أدت إلى عجز هذا "التحوّل السياسي" عن تحقيق الوعود والشعارات التي رفعها، فيمكن تلخيصها في ثلاثة أسباب رئيسية من وجهة نظرنا:
1- الرغبة في البدء من نقطة الصفر، وإلغاء كل ما سبق: الدستور، والمؤسسات، والنظام السياسي، والسياسات، والقوانين، والعلاقات مع المانحين الدوليين، والعلاقات الدبلوماسية التقليدية. وعلى النقيض من ذلك، بدأ في إرساء ما وصفه "النظام المنقلب" بـ"المشروع الجديد"، الذي لم تتعوّد عليه "ماكينة" الدولة، ولم تهضمه الكفاءات الوطنية الموجودة، ولم يجد له التمويلات اللازمة.. فخسر الوقت والزمن والإرث المتوفر، فكان الفشل والعجز، والدوران في ذات المكان.. فالدول لا تتقدّم بفسخ ماضيها وتراكمات نخبها وهياكل الدولة القائمة وتقاليدها.
2- الدخول في معارك سياسية وهمية، تحت شعار "مكافحة الفساد"، مع العلم أن الفساد متغلغل في عمق الدولة ومؤسساتها. والنتيجة، هي أنّ الدولة غرقت في هذه المعارك، فالتفّ الحبل حول رقبتها، حتى باتت عاجزة عن الفكاك منه، فلا هي قضت على الفساد (ببعديه السياسي والمالي)، ولا هي استطاعت أن تخرج من هذه الدوامة. وهكذا تاه التحرير، وضاع "المشروع"، ولم ينتهِ الفساد، بل امتدّت عروقه لمجالات أخرى، وتعقّدت الأدوار، وأُعيد توزيعها من جديد، دون القدرة على التقدّم قِيد أنملة.
إنّ تحرير الأوطان، يحتاج إلى مشروع ضخم، وجمع شتات النخب والشخوص الفاعلة، وتشريك الجميع في "الهمّ الوطني" المتضخم، بفعل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمؤسساتية. فالدولة في هذه الحالة البنائية الجديدة المفترضة، مثل تلك الدجاجة التي تضمّ كتاكيتها تحت جناحيها، حتى تعبر بها المسالك الوعرة، لا أن تلعن اليوم الذي ولدتها فيه.
3- انسحاب المقربين من "مشروع الرئيس" وتخليهم عنه، بعد أن تراكمت المشكلات وأصبح جزءًا من المشكلة، ما جعل العديد من الأطراف التي انضمت إليه تبتعد عنه. فوجد هذا التحوّل السياسي نفسه وحيدًا في نهاية المطاف، يواجه كل المشكلات والتحديات، متمسكًا بشعارات متكررة لم تعد مقبولة حتى من أقرب المقربين إليه.
تصريحات غير مسبوقة
حيث انتقد المنجي الرحوي، زعيم حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحّد"، الموالي للانقلاب، النظام الراهن بوضوح، قائلًا: "نحن متمسّكون بـ25 يوليو/ تموز، لكننا غير معنيين بالبطء الحاصل في المنجزات واتخاذ القرارات"، مضيفًا: "إنّ مجالات السلطة الجديدة، لم تحقق ما كان منتظرًا منها"، مشيرًا إلى أنّ "الإصلاحات الدستورية لم تُنجز.. والمجلس الأعلى للقضاء لم يقع إرساؤه، والمحكمة الدستورية، لم يتم تشكيلها، وما قيل عن الثورة التشريعية، لم يُنجز إلى الآن".
ولفت الرحوي إلى أنّ "سلطة 25 يوليو/ تموز.. ليست منسجمة، فهناك أعلى هرم السلطة، وثمّة البقية التي تعمل في عزلة عنه".
من جهته، أكد عبيد البريكي، رئيس حزب "تونس إلى الأمام" (يسار)، وأحد المكونات المناصرة بقوة لانقلاب 25 يوليو/ تموز، أنّ نسق إنجاز الأهداف المعلنة، بطيء جدًا، والتشغيل متوقف، والأسعار ترتفع يومًا بعد يوم، فيما الأجور مجمّدة منذ عدّة سنوات، والمرسوم 54 الذي ضرب الحريات، لم يعد له معنى في ظل وجود برلمان تشريعي..".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، فحزب "أوفياء للوطن"، القريب من السلطة الحالية، أطلق تصريحًا خطيرًا منذ عدة أيام، على لسان رئيسته، زكية الكسراوي، التي أعلنت أنّ "رئيس الجمهورية محاصر.. وبعض المحيطين به معرقلون لمسار الإصلاح".
أما أكثر التصريحات اللافتة للنظر، والتي تعكس مستوى جريئًا من النقد للانقلاب ومساره، وأداء رئيسه، السيد قيس سعيّد، فهو الصادر عن النائب اليساري بالبرلمان، أحمد سعيداني، الذي كتب تدوينة على فيسبوك بتاريخ 20 يوليو/ تموز الجاري، شدّد فيها على أنّ "رئيس الجمهورية كسيح سياسيًا، لا يستمع لأحد، يريد أن يبدأ تحريرًا لا برنامج له، لا مال له فيه، ولا رجال.. مجلس نواب أُحيل على وضعية الشلل التشريعي العام، وأصبح منصة مصادقة على قروض.. مجلس جهات وأقاليم، اكتفى بدور يونس شلبي في مسرحية مدرسة المشاغبين ولا أزيد.. حكومة يطالبها الرئيس بالنصوص، ولا يتجرأ وزير واحد على إخباره بأنّ المشكلة مشكلة فلوس، لا معضلة نصوص.. حكومة كاملة لا يوجد فيها وزير قادر على صياغة الجملة السياسية.. مجالس محلية (بلديات)، أُقصيت عن دورها الحقيقي..".
والحقيقة، أن الاسترسال في عرض نصوص وتصريحات مماثلة، سيجعلنا أمام كمّ هائل من الانتقادات الشديدة للانقلاب، من داخل مكوناته، إلى حدّ التبرّؤ منه أحيانًا، بل إنّ أحد النواب، توجّه لرئيس البرلمان بالقول: "أتوجّه للرئيس قيس سعيّد بالقول: إن تونس تتجه نحو الهاوية، وعليه أن يسمعنا جيدًا؛ لأننا كنواب الأقرب للشعب"، وفق تعبيره.
بلا شك، فإنّ هذه التصريحات والتدوينات، تغني عن كلّ تعليق.
مؤشرات سلبية للغاية
أما عن مؤشرات ما يصفه الخبراء وكثير من مكونات المعارضة للرئيس قيس سعيد بـ "الفشل"، فهي عديدة وذات دلالات كبيرة فيما يتعلق بالدولة ومستقبلها:
1- تدني نسبة النمو الاقتصادي والتنموي، إذ لا تتجاوز 1.5%، وهي نسبة لا تخلق ثروة ولا توفر فرص عمل ولا تحرك عجلة الاقتصاد المتوقفة منذ سنوات، بسبب الخلاف مع صندوق النقد الدولي وبعض الجهات المانحة في الخارج ورجال الأعمال في الداخل، تحت ذريعة "مكافحة الفساد".
2- التجميد الكلي لأجور الموظفين في مقابل الارتفاع الكبير في الأسعار.
3- ارتفاع معدل البطالة، حيث بلغ 15.7% خلال الربع الأول من العام الجاري، وفقًا لبيانات المعهد الوطني للإحصاء، ما يشير إلى وجود أكثر من 660 ألف تونسي عاطل عن العمل.
4- الارتفاع القياسي لحجم الدين العام منذ عام 2021، حيث ارتفع من حوالي 109 مليارات دينار إلى ما يقارب 150 مليار دينار في العام الجاري (2025)، ما يشكل ضغوطًا كبيرة على الحكومة ويجعل تونس تواجه صعوبات كبيرة في سداد ديونها الخارجية.
5- التحديات الكبيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية، وتوقف الاستثمارات الداخلية تقريبًا، بسبب تخوف رجال الأعمال من المساءلة القضائية بتهم الفساد، ما أثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
6- الموافقة على اتفاقيات قروض أجنبية بالجملة من قبل البرلمان التونسي منذ انتخابه قبل ثلاث سنوات، ما أثار قلق المحللين الاقتصاديين والماليين، خاصة وأن النظام الحالي كان ينتقد التوسع في القروض الأجنبية ويعتبرها من أسباب تدهور الأوضاع.
وإذا أضفنا إلى ذلك العزلة الدبلوماسية التي يعيشها النظام حاليًا، مقارنة بالمرحلة السابقة، باستثناء العلاقة مع الجزائر وليبيا وإيطاليا وفرنسا وإيران ومصر، فمن الصعب إيجاد حراك دبلوماسي مع الدول الصديقة لتونس، وحتى إن وُجدت علاقات فهي من قبيل المجاملات الدبلوماسية التي لا تتجسد في اتفاقيات أو بروتوكولات تعاون.
فهل هناك بصيص أمل في المستقبل؟
لا يمكن لتونس أن تستمر في هذا المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لأن الدول تسعى للتقدم لا للتراجع، والشعوب لا تعيش على الخطابات الرنانة والبطون الجائعة والفقر المتزايد والكلام العنيف الذي تستخدمه السلطة ضد المعارضين. فالعلاقات الدولية لها شروط، ومن أهمها الاستقرار السياسي، وهو ما يفتقده الكثيرون الذين يعبرون عن قلقهم بشأن الحريات واستخدام المحاكمات لتصفية الحسابات وسجن الصحفيين، ويدعون إلى العودة إلى الديمقراطية.
لذلك فإن المشكلة في تقديرنا هي مشكلة داخلية بين التونسيين، والتسوية الداخلية هي الحل الأمثل لاستقرار تونس، ولكل مرحلة ثمن. أما الخارج، فسيكون له دور مهم في التطورات المقبلة، ولكن بأي طريقة وشروط؟
هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.